للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل دلّ عليه، فذلك مما يجوز في ضرورة الشعر، والبيت الذي أنشد:

ولو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسبّ بذلك الجرو الكلابا

«١».

لا يكون حجّة في هذه القراءة، وإنما وجهها ما ذكرنا، لأن الراوي حسب الإخفاء إدغاما، ألا ترى أن الفعل مبني للمفعول فينبغي أن يسند إليه كما يسند المبنيّ للفاعل، وإنما يسند إلى هذه الأشياء من الظروف والجار والمجرور إذا لم يذكر المفعول به، فأمّا إذا ذكر المفعول به لم يسند إلى غيره، لأن الفعل له فهو أولى به. وكذلك من حكى عن أبي عمرو أنه أدغم النون الثانية من نجّي في الجيم فهو أيضا وهم، ولعلّه التبس عليه الإخفاء بالإدغام أيضا، وإنما حذفت النون من الخط كراهة لاجتماع صورتين متفقتين، وقد كرهوا ذلك في الخط في غير هذا الموضع، وذلك أنهم كتبوا نحو: الدنيا والعليا والحديا بألف، ولولا الياء التي قبل الألف لكتبوها بالياء، كما كتبوا نحو: بهمى وحبلى وأخرى ونحو ذلك بالياء، كما كرهوا الجمع بين صورتين متفقتين في هذا النحو، كذلك كرهوه في ننجي فحذفوا النون الساكنة، والوجه فيه: كما رواه حفص عن عاصم، وقد قال بعض من يضبط القراءة: أن الصحيح أن الجماعة وحفصا عن عاصم قرءوا: ننجي المؤمنين بنونين الثانية منهما ساكنة والجيم خفيفة. وروى أبو بكر عن عاصم (نجّي المؤمنين) بنون واحدة وتشديد الجيم وسكون الياء وقد تقدم القول فيه.


(١) البيت لجرير من قصيدة يهجو بها الفرزدق، قفيرة أم الفرزدق.