للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالكسر في معنى السخرية أفشى وأكثر إذا كان السخريّ في معنى الهزء، وهذان الموضعان يراد بهما، الهزء يقوّي ذلك قوله في المؤمنين:

وكنتم منهم تضحكون [المؤمنون/ ١١٠] والضحك بالسّخر والهزء أشبه، وجه ذلك في صاد: (اتخذناهم سخريا). ووجه الضم أن يونس قال فيما حكى عنه ابن سلّام: أن السّخري قد يقال بالضم بمعنى الهزء، وقوله: فأما الأخرى فواحدة، يعني التي يراد بها السّخرة. وقال أبو الحسن: سخري إذا أردت من سخرت به ففيه لغتان يعني الضم والكسر، ومن ثمّ اتفق هؤلاء القرّاء على الضم في التي في الزخرف في قوله: ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فهذا من السّخرة وانقياد بعضهم لبعض في الأمور التي [إنّ] «١» لم ينقد بعضهم لبعض فيها، لم يلتئم قوام أمر العالم. فأما سخري فإفراده يجوز أن يكون لإفراد بعضهم في اللفظ وإن كان المعنى على الكثرة، ويجوز أن يكون كسخري- بكسر السين- لم يخرج بلحاق الياء له من أن يكون مصدرا، ووجه الضم في سخري إذا كان من الهزء أن السّخر على فعل، وفعل وفعل يتعاقبان على الكلمة كالحزن والحزن، والبخل والبخل، كما كان فعل وفعل كذلك، إلا أن المضموم خصّ بالنسب كما خصّ المكسور به، وبقي على حكم المصدر كما بقي عليه المكسور، فأمّا ما حكاه أبو زيد من قوله: اتخذت فلانا سخريا وسخرة، فإن قوله: سخري وصف بالمصدر، وقولهم: سخرة ليس بمصدر من الهزء، فيكون النسب إليه، ولكن سخرة كقولهم: ضحكة، وهزأة- بتسكين العين- إذا كان يضحك منه. والفاعل في هذا بفتح


(١) زيادة يتطلبها المعنى.