للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحدوث الآخرة، بل هم في شكّ من حدوثها، بل هم عن علمها عمون.

والعمي عن علم الشيء أبعد منه من الشاكّ فيه، لأنّ الشّكّ قد يعرض عن ضرب من النظر، والعمي عن الشيء الذي لم يدرك منه شيئا.

أمّا من قال: ادارك فإنّه أراد: تدارك، فأدغم التاء في الدال لمقاربتها لها، وكونها من حيّزها، فلمّا سكنت التاء للإدغام اجتلبت لها همزة الوصل كما اجتلبت في نحو ادّان «١» وفي التنزيل: حتى إذا اداركوا فيها جميعا [الأعراف/ ٣٨]، كأن معناه «٢»: تلاحقوا قال «٣»:

تداركتما الأحلاف قد ثلّ عرشها وما رواه الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: بل ادرك فمعناه افتعل من أدركت، وافتعل، وتفاعل: قد يجيئان بمعنى، يعنى بأحدهما ما يعنى بالآخر، ومن ثمّ صحّ قولهم: ازدوجوا، وإن كان حرف العلة على صورة يجب فيها الانقلاب، ولكنّه صحّ لما كان بمعنى تفاعلوا، وتفاعلوا يلزم تصحيح حرف العلة فيه لسكون الحرف الذي قبل حرف العلة، فصار تصحيح هذا كتصحيح: عور، وحول، لمّا كان في معنى تفاعل، وتفاعل قبل حرف العلة منه ساكن، وإذا كان كذلك


(١) في ط: ادّارأ.
(٢) في ط: معناها.
(٣) صدر بيت لزهير وعجزه:
وذبيان قد زلّت بأقدامها النّعل ديوانه/ ١٠٩ وفي (ط): «تداركتم» بدل «تداركتما».