للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو علي: قوله: وآخر من شكله أزواج، روي عن ابن مسعود وقتادة أنّهما قالا: الزمهرير، فتفسيرهما يقوّي قراءة من قرأ:

وآخر بالتوحيد، كأنّه: ويعذب به آخر، لأنّ الزّمهرير واحد، ويجوز على تفسيرهما الجمع، وأخر على أن يجعل أجناسا يزيد برد بعضه على بعض على حسب استحقاق المعذبين، ورتبهم في العذاب، فيكون ذلك كقولهم: جمالان، وتمران، ونحو ذلك من الجموع التي تجمع وتثنّى إذا اختلفت، وإن لم تختلف عندي. ويجوز الجمع على وجه آخر، وهو أن يجعل كلّ جزء منه وإن اختلف زمهريرا، فيجمع كما جمعوا في قولهم: شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين «١»، ومغيربانات «٢». ونحو ذلك، ويجوز أن يجعل أخر على الجمع لما تقدّم من قوله: حميم، وغساق، وزمهريرا الذي هو نهاية البرد بإزاء الجميع، فيجوز الجمع لما في الكلام من الدّلالة على جواز الجمع، فمن قرأ: وأخر* على الجمع كان أخر* مبتدأ وقوله: من شكله في موضع وصفه، ومعنى من شكله: قال أبو عبيدة: من ضربه، قال:

ويقال: ما أنت من شكلي أي من ضربي «٣».

وأزواج خبر المبتدأ، لأنه جمع كالمبتدإ، وقد وصفت النكرة فحسن الابتداء بها. فإن قلت: فهلّا كان من شكلها لترجع إلى الآخر، وهلّا دلّ ذلك على أنّ آخر أجود من أخر قيل: يجوز أن يكون الضمير


(١) العثنون: شعيرات طوال تحت حنك البعير، يقال: بعير ذو عثانين، انظر اللسان (عثن).
(٢) المغيربانات: وقت غروب الشمس يقال: لقيته مغرب الشمس ومغيرباناتها، انظر اللسان (غرب).
(٣) مجاز القرآن ٢/ ١٨٥.