[الزخرف/ ٨٦] وقوله: أربع شهادات بالله [النور/ ٦] فإذا نقل بالهمزة زاد بالهمزة مفعول كسائر الأفعال المتعدية إذا نقلت بالهمزة، قال: وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا [الأعراف/ ١٧٢] فأمّا قوله: أشهدوا خلقهم [الزخرف/ ١٩] فمن الشهادة التي هي الحضور، كأنّهم بّخلوا على أن قالوا ما لم يحضروا ممّا حكمه أن يعلم بالمشاهدة. ومن قال: أأشهدوا خلقهم فالمعنى:
أأحضروا ذلك، وكان الفعل يتعدّى إلى مفعولين قبل النقل فلمّا بني للمفعول به نقص فتعدّى الفعل إلى مفعول واحد، ويقوّي هذه القراءة قوله: ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم [الكهف/ ٥١] فتعدّى إلى مفعولين لمّا بني الفعل للفاعل. فأمّا قوله:
إني أشهد الله واشهدوا أني بريء [هود/ ٥٤] فعلى إعمال الثاني، كما أنّ قوله: آتوني أفرغ عليه قطرا [الكهف/ ٩٦] كذلك، والتقدير: إنّي أشهد الله إنّي بريء. واشهدوا أنّي بريء، فحذف المفعول الأوّل على: ضربت وضربني زيد، وهذا منقول من شهد بكذا، إلّا أن حرف الجر يحذف مع أنّ وأن، فأمّا الباء في قوله:
أشهد بالله فهي متعلقة بهذا الظاهر، كما أنّ قوله: أحلف بالله، وأقسم بالله، يتعلق الجارّ فيه بهذا الظاهر. فإن قلت: فلم لا يكون الجار فيه معلقا بمحذوف كأنّه قال: أشهد بقوة الله، فيكون الجارّ فيه كالّذي في قوله: حضرت بسلاحي، وشهدت بقوتي، فإنّ ما تقدّم أولى من هذا، ألا ترى أنّك تقول: أشهد وأشهد بالله كما تقول: أحلف وأحلف بالله، وأقسم وأقسم بالله؟ فكما أنّك في هذا تعلق الجارّ بالظّاهر كذلك في أشهد تعلقه به. وقال: ونزعنا من كل أمة شهيدا [القصص/ ٧٥] فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء [النساء/ ٤١]