للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجرى اسم الفاعل وما شبّه به، لتعرّيه من المعاني التي أعمل لها فاعل وما شبّه به عمل الفعل، ومن قال: مررت برجل خير منه أبوه، وبسرج خزّ صفته «١»، وبرجل مائة إبله، استجاز أن يجري سواء أيضا على ما قبله، كما أجرى الضرب الأوّل، فأمّا من قال: أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء [الجاثية/ ٢١] فنصب، فإنّ انتصابه يحتمل ثلاثة أضرب:

أحدهما: أن تجعل المحيا والممات بدلا من الضمير المنصوب في نجعلهم، فيصير التّقدير: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء، فينتصب سواء على أنّه مفعول ثان لنجعل، ويكون انتصاب سواء على هذا القول حسنا، لأنّه لم يرفع مظهرا، ويجوز أيضا أن تجعل محياهم ومماتهم ظرفين من الزمان، فيكون كذلك أيضا. ويجوز أن يعمل في الظرف أحد شيئين أحدهما: ما في سواء من معنى الفعل، كأنّه يستوي في المحيا والممات، والآخر: أن يكون العامل الفعل، ولم نعلم الكوفيّين الذين نصبوا سواء نصبوا الممات، فإذا لم ينصبوه كان النصب في سواء على غير هذا الوجه، وغير هذا الوجه لا يخلو من أن ينتصب على أنّه حال، أو على أنّه المفعول الثاني لنجعل، وعلى أيّ الوجهين

حملته، فقد أعملته عمل الفعل، فرفعت به المظهر، فإن جعلته حالا أمكن أن تكون الحال من الضمير في تجعلهم ويكون المفعول الثاني قوله كالذين آمنوا فإذا جعلت قوله: الذين آمنوا المفعول الثاني أمكن أن يكون سواء منتصبا على الحال ممّا في قوله: كالذين آمنوا من معنى الفعل، ويكون ذو الحال الضمير


(١) صفّة الرحل والسرج: التي تضم العرقوتين والبدادين من أعلاهما وأسفلهما (اللسان صفف).