للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون الانتصاب على أنه مفعول بها، ويكون المعنى: وجزاهم جنّة وحريرا، أي: لبس حرير، ودخول جنّة دانية عليهم ظلاله، فيكون على هذا التقدير كقوله: لمن خاف مقام ربه جنتان [الرحمن/ ٤٦].

وإن لم تحمله على هذا وقلت: إنه يعترض فيه إقامة الصفة مقام الموصوف، فإن ذلك ليس بالمطرح في كلامهم، وإن شئت حملته على ما ذكروا من الحال ليكون مثل ما عطفته عليه من قوله: متكئين فيها ودانية، فكذلك يكون: عاليهم ثياب سندس معطوفا على ما انتصب على الحال في السورة، ويكون: ثياب سندس مرتفعة باسم الفاعل والضمير قد عاد إلى ذي الحال من قوله: عاليهم. ومن قرأ من غير هؤلاء القرّاء:

عاليتهم وهي قراءة الأعمش زعموا فإنه بمنزلة قوله: خاشعا أبصارهم وخاشعة أبصارهم [القلم/ ٤٣، المعارج/ ٤٤] وثياب مرتفع باسم الفاعل، وقد أجيز أن يكون ظرفا، كأنه لما كان عال بمعنى فوق أجري مجراه في هذا، والوجه الآخر أبين في كونه صفة جعل ظرفا، وإن كان صفة، كما كان قوله: والركب أسفل منكم [الأنفال/ ٤٢] كذلك، وكما قالوا: هو ناحية من الدار.

ومن قرأ: عاليهم ثياب سندس [الإنسان/ ٢١] فسكن الياء، كان عاليهم في موضع رفع بالابتداء، وثياب سندس خبره، ويكون عاليهم المبتدأ في موضع الجماعة، كما أن الخبر جماعة وقد جاء اسم الفاعل في موضع جماعة، قال «١»:


(١) البيت غير منسوب وقد ذكر في المحتسب ٢/ ١٥٤، وفي الهمع ٢/ ١٨٢، والدرر ٢/ ٢٢٨ وفيه «للهوى» بدل «من هوى». وأصل منادح: مناديح لأنه جمع مندوحة.