للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهؤلاء وإن كانوا قد علموا واستيقنوا فقد دخلوا في جملة من ذمّ بقوله: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل/ ١٤]. وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة/ ٢٠٨] وقال: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [الحجرات/ ١٧]. فهذا يدلّ على أنّ الإيمان من الأمن، أي هداكم لما تحرزون به أنفسكم وأموالكم في العاجلة، ولا تخسرون معه أنفسكم وأهليكم في الآجلة.

ويجوز أن يكون هداكم للصدق وإن كان قد قال: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ألا ترى أنّه ليس كل من هدي إلى الصدق يصدّق كالمعاند الجاحد لما عرف؟.

وقال بعض المتأوّلين في قوله في صفة التابوت: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة/ ٢٤٨] معنى مؤمنين:

مصدّقين لي، «١» وذلك أنّه لا يخلو من أن يراد به: أهل الإيمان بالله، أو يراد به: إن كنتم مصدقين «٢» لي. فلا يجوز الأول لكفرهم بالله في تكذيبهم نبيهم لقوله: أَنَّى

يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا

[البقرة/ ٢٤٧]، فأنكروا أن يملّكوا من ملّكه نبيّهم قال: فإذا لم يجز هذا الوجه ثبت الوجه الآخر الذي هو التصديق به.

وأمّا قوله: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ


(١) في (ط): مؤمنين مصدقين، وحذف الكلمتين: (معنى) و (لي).
(٢) سقطت (لي) في (ط).