فأما من قرأ: فيومئذ لا يعذب عذابه [الفجر/ ٢٥] فقد قيل:
إن المعنى فيه لا يتولى عذاب اللَّه يومئذ أحد، والأمر يومئذ أمره لا أمر لغيره، وقيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد في الدنيا مثل عذاب اللَّه في الآخرة، وكأن الذي حمل قائل هذا القول على أن قاله أنه إن حمله على ظاهره، كان المعنى: لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللَّه، معلوم أنه لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللَّه، إنما المعذّب اللَّه تعالى، فعدل عن الظاهر لذلك، ولو قيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد تعذيبا مثل تعذيب هذا الكافر المتقدم ذكره، فأضيف المصدر إلى المفعول به، كما أضيف إليه في القراءة الأخرى، ولم يذكر الفاعل كما لم يذكر في نحو قوله: من دعاء الخير [فصّلت/ ٤٩] لكان المعنى في القراءتين سواء، والذي يراد بأحد:
الملائكة الذين يتولّون تعذيب أهل النار، ويكون ذلك كقوله: يوم يسحبون في النار على وجوههم [القمر/ ٤٨]، وقوله: وقال الذين في النار لخزنة جهنم [غافر/ ٤٩]، وقوله: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم [الانفعال/ ٥٠] وقوله:
مقامع من حديد [الحج/ ٢١] وقوله: ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه [إبراهيم/ ١٦] والأشبه أن يكون هذا القول أولى، والفاعلة بهم الملائكة.