لم، لم يلزم تكريرها، كما لم يلزم التكرير مع لم، فإن تكررت في موضع نحو: فلا صدق ولا صلى [القيامة/ ٣١] فهو كتكرّر لم يسرفوا ولم يقتروا [الفرقان/ ٦٧] وقوله: ثم
كان من الذين آمنوا
[البلد/ ١٧] أي: كان مقتحم العقبة وفاكّ الرقبة، مع ما أتاه من هذه القرب، من الذين آمنوا، فإنه إن لم يكن منهم لم ينفعه قربة لإحباط الكفر لها.
قال أبو الحسن: هي أجود من الأخرى وبها نقرأ، وقوله: في يوم ذي مسغبة [البلد/ ١٤] جاز أن يوصف اليوم بهذا، كما جاز أن يقال: ليل نائم ونهار صائم، ونحو ذلك، ومن قال: فك رقبة أو أطعم في يوم ذي مسغبة [البلد/ ١٣، ١٤]، فإنه يجوز أن يكون ما ذكر من الفعل تفسيرا لاقتحام العقبة، فإن قلت: إن هذا الضرب لم يفسّر بالفعل، وإنّما فسّر بالابتداء والخبر، مثل قوله: نار الله الموقدة [الهمزة/ ٦] وقوله: نار حامية [القارعة/ ١١]، هذه جمل من ابتداء وخبر، وليس فيها شيء من الفعل والفاعل، فهلّا رجّحت القراءة الأخرى من أجل هذه الكثرة، والحمل عليها، قيل: إنه قد يمكن أن يكون قوله: كذبت ثمود وعاد بالقارعة [الحاقة/ ٤] تفسيرا لقوله:
وما أدراك ما القارعة [القارعة/ ٣]، ويكون تفسيرا على المعنى.
وقد جاء: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم [آل عمران/ ٥٩] وفسّر المثل بقوله، خلقه من تراب [آل عمران/ ٥٩]، فكذلك قول من: فك رقبة أو أطعم، وزعموا أن أبا عمرو احتجّ لقراءة: فك رقبة بقوله: ثم كان من الذين آمنوا [البلد/ ١٧] كأنه لمّا كان فعلا وجب أن يكون المعطوف عليه مثله، وقد يجوز أن يكون ذلك كالقطع من الأول والاستئناف، كأنه أعلم أن فكاك الرقبة من الرقّ من الذين