من قرأ: أحدن الله فوجهه بيّن، وذلك أن التنوين من أحد ساكن، ولام المعرفة من الاسم ساكن، فلما التقى الساكنان، حرّك الأول منهما بالكسر، كما تقول: اذهب اذهب، فتجري الساكن الأول بالكسر، ومثل ذلك قوله: فإما ترين من البشر أحدا [مريم/ ٢٦] حرّكت الياء التي هي علامة الضمير لسكونها، وسكون الأولى من الثقيلة، ولولا التقاؤها معها لتركتها ساكنة كما قال «١»:
إمّا تري شمطا في الرّأس لاح به من بعد أسود داجي اللّون فينان وأما الألف المنقلبة عن الياء التي هي لام فقد حذفت لسكونها وسكون ياء الضمير بعدها.
فأما من قال: أحد الله فحذف النون، فإن النون قد شابهت حروف اللين في أنها تزاد كما يزدن، وفي أنها تدغم فيهنّ كما يدغم كل واحد من الياء والواو في الأخرى، وفي أنها قد أبدلت منها الألف في الأسماء المنصوبة، وفي الخفيفة، وأبدلت من الواو في صنعاني، فلما شابهت حروف اللين ضروبا من هذه المشابهات، أجريت مجراها في أن حذفت ساكنة لالتقاء الساكنين كما حذفت الألف والواو والياء لذلك في نحو رمى القوم، ويغز والقوم ويرمي القوم، ومن ثم حذفت ساكنة في الفعل كما حذف من نحو لم يك [الأنفال/ ٥٣]، فلا تك في مرية* [السجدة/ ٢٣] فحذف في أحد الله لالتقاء الساكنين كما
(١) البيت لرومي بن شريك الضبّي. وقد أدرك الإسلام. وداجي اللون: شديد السواد، والفينان. الشجر الكثير الأصول. انظر النوادر/ ١٩٢، والمقتضب ٢/ ١٩٩، واللسان مادة/ فني/.