للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: فقد قرأ بعضهم: (يذهب بالأبصار) «١» فأثبت الباء مع النقل بالهمزة، فهلا أجزت في «آتينا بها» أن تكون أفعلنا بها ولا تكون «٢» فاعلنا. فإنّ ما ذكرته هو قياس هذا القول، إلا أن الحمل عليه والردّ إليه ينبغي ألّا يجوز ما وجد عنه مندوحة.

فأمّا آجر فهو فاعل، لأنّك تقول في المضارع: يؤاجر مثل يقاتل، ولو كان أفعل لكان يؤجر. والذي جاء في التنزيل من ذلك على فعل لأنّ المضارع يفعل في قوله: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ [القصص/ ٢٧].

فأمّا حجة من قرأ (يؤمنون) بتحقيق الهمز، فلأنّه إنّما ترك


وكسرها، أي: قطيعا من البقر، وصاوية بالواو أي: عطشى، من صويت النخلة على وزن فرح أي: عطشت ويبست، وهي رواية اللسان، في مادة «صوى»، وروي أيضا صادية بالدال، وهكذا رواه اللسان في «أبى». وفي ديوان الهذليين: ١/ ١٩٨ وشرحه ص ١١٢٨ فهي طاوية، أي: ضامرة البطون من قلة الشرب، وأوبيت كل ماء أي: منعت كل ماء، يقال: أبى فلان الماء امتنع منه، وآبيته الماء منعته، وانظر اللسان في (أبى) والبيت من شواهد شرح أبيات المغني ٥/ ٣٤٥، ٣٤٧.
(١) في الآية ٤٣ من سورة النور. وقراءة: يذهب بالأبصار بفتح الياء والهاء هي قراءة السبع والجمهور، وقرأ شيبة بن نصاح وأبو جعفر المدني بضم الياء وكسر الهاء، وخطأ الأخفش وأبو حاتم أبا جعفر في هذه القراءة، وقالا: لأن الياء تعاقب الهمزة، أي: فلا يجتمعان. وليسا على صواب لأنه لم يكن يقرأ إلا بما روي، وقد أخذ القراءة عن سادات التابعين الآخذين عن جلة الصحابة، وهو لم ينفرد بها بل قرأ بها شيبة كذلك.
ومن ثم اقتصر الفارسي على الدفع بالرواية ولم يتجاسر على التخطئة.
وانظر البحر المحيط: ٦/ ٤٦٥.
(٢) تكون ساقطة من (ط).