للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ «١» [الحج/ ٢٥] ولو قلت: سواء عليّ العاكف أو البادي، أو سواء عليّ الجزع أو الصبر، لكان المعنى سواء عليّ أحدهما، وسواء عليّ أحدهما كلام محال، لأن التسوية لا تكون إلا بين شيئين فصاعدا.

فإن قلت: فقد قال أبو عمرو: إن الأصمعي أنشدهم لرجل من هذيل:

وكان سيان ألّا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح

«٢» فأنشدهموه بأو، وسيّان مثل سواء، ألا ترى أنه لا يستقيم زيد أو عمرو سيان [كما لا يستقيم مع سواء ولا تكون أو بمنزلة الواو. فالقول في ذلك أن هذا على ظاهر الاستحالة التي ذكرنا، وإنما استجاز هذا الكلام بأو لأنّه يراه يقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، فيجوز له أن يجالسهما ويسمع: ولا تطع منهم آثما أو كفورا [الإنسان/ ٢٤] فلا يطيعهما، كما أنه إذا قيل له ذلك بالواو كان كذلك. فلما رآها


(١) (سواء) قراءة حفص بالنصب وقرأ الباقون بالرفع انظر النشر ٢/ ٣٢٦.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، ورواية الديوان طبعة دار الكتب (١: ١٨٠).
وكان مثلين ألا يسرحوا نعما ... حيث استرادت مواشيهم وتسريح
ولا شاهد فيها.
يريد: حيث رادت، أي: جاءت وذهبت. تسريح: أي: حيث سرحت.
يقول: إن الموضع مجدب، فسواء سرحوا نعمهم، أم لم يسرحوها، فلا خصب يرتجى.
ويروى: استراحت مكان: استرادت. السوح: جمع ساحة، وهي الناحية انظر اللسان (سوا، وسرح)، والخصائص: ١: ٣٤٨، ٢: ٤٦٥، والخزانة: ٢: ٣٤٢ وشرح أبيات المغني ٢/ ٣٠.