للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تراه». «١» ألا ترى أن خيرا خبر عن تسمع، وكما أخبر عنه كذلك عطف عليه في قولهم: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، والفعل لا يعطف عليه الاسم كما لا يخبر عنه، إلّا أنّ المعنى لمّا كان على الاسم استجيز فيه الإخبار عنه والعطف عليه، وجاز دخول لا على الاسم من غير تكرير، كما جاز في قولهم:

هذان لا سواء، لأن الخبر لم يظهر في الموضعين جميعا.

ونظير ما في الآية من أن خبر المبتدأ ليس المبتدأ ولا له فيه ذكر ما أنشده أبو زيد:

فإنّ حراما لا أرى الدّهر باكيا ... على شجوه إلّا بكيت على عمرو

«٢» فإن قلت: أيجوز أن توقع الجملة التي من الابتداء والخبر موقع التي من الفعل والفاعل في نحو: سواء عليّ أقمت أم قعدت، فتقول: سواء علي أدرهم مالك أم دينار، وما أبالي أقائم أنت أم قاعد؟

فالقول في ذلك أنّ أبا الحسن يزعم أنّ ذلك لا يحسن.

قال: وكذلك لو قلت: ما أبالي أتقوم أم تقعد؟ لم يحسن، لأنّه


(١) يضرب لمن خبره خير من مرآة. ويروى: لأن تسمع بالمعيدي خير، وأن تسمع، ويروى: تسمع بالمعيدي لا أن تراه. وأول من قاله المنذر بن ماء السماء. والمعيدي: تصغير المعدي، بفتح الميم والعين وتشديد الدال، خففت الدال استثقالا للتشديد مع ياء التصغير (انظر مجمع الأمثال:
١/ ٩١٣، والقاموس المحيط: عد).
(٢) آخر أربعة أبيات رواها في النوادر/ ١٥٦، لعبد الرحمن بن جمانة المحاربي، فإن حراما، أي: واجبا.