للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن قول سيبويه: ليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحقّقا، وقوله في باب الإدغام: «١» إن ابن أبي إسحاق وناسا معه يحقّقون الهمزتين وقد تكلّم ببعضه العرب وهو رديء، ليس على التدافع ولكن لأنّه لم يعتدّ بالرديء، أو يكون لم يعتد بالتقاء المحقّقتين لقلّة ذلك بالإضافة إلى ما خفّف إذا اجتمعا. وقد عمل ذلك في أشياء نحو انقحل «٢» فعلى هذا يحمل ذلك أيضا من قوله.

قالوا: فلمّا رأيناهم قد رفضوا اجتماع الهمزتين في هذه المواضع، لم نجمع بينهما وخفّفنا الثانية، لأنّ في تخفيفها تقريبا من الألف، ألا ترى أنّ الهمزة إذا كانت مبتدأة لم تخفف لأنّ في تخفيفها تقريبا من الساكن؟ فكما أن الساكن لا يبتدأ به كذلك ما قرب من الساكن. فكما جرت مجرى الساكن في تقريبهم إيّاها منه، كذلك تجرى مجراه إذا خففنا الثانية، فتصير بعد الأولى كالألف بعدها. فكما لم تكره الألف بعدها في نحو أادم وأاخر، كذلك المخفّفة بعدها في: «٣» (أانذرتهم) لا تكره بعدها، كما تكره إذا حقّقت لما أرينا، مما دلّ على رفض العرب الجمع بينهما محقّقتين.

وحجة من فصل بين الهمزتين بألف وخفّف الهمزة الثانية


(١) انظر الكتاب: ٢/ ٤١٠، وأول العبارة هناك: وزعموا أن ابن أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وأناس معه ...
(٢) الإنقحل: الذي يبس جلده على عظمه، والفعل قحل كفرح. والمؤلف يريد أن سيبويه ذكر في الكتاب انقحلا وقال: «وانقحل في الوصف لا غير»، ولم يعتد بنحو انزهو لندوره. انظر الكتاب: ٢/ ٣١٧.
(٣) في (ط): في نحو.