للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهم، كذلك يلزم أن يسند الفعل إلى آدم، فيجعل التّلقّي له دون الكلمات. ومن ذلك قول القائل: في آيات تلقّيتها عن عمّي، تلقّاها عن أبي هريرة. فجعل الكلام مفعولا به، وأسند الفعل إلى الآخذ له دون الكلام، فكذلك ينبغي أن يكون في الآية.

ومما يقوّي الرفع في آدم أنّ أبا عبيدة قال في تأويل قوله: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة/ ٣٧] أي: قبلها «١».

فإذا كان آدم القابل، فالكلمات مقبولة. ومثل هذه الآية في إسناد الفعل فيها مرّة إلى الكلمات ومرة إلى آدم قوله «٢»: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة/ ١٢٤] وفي حرف عبد الله فيما قيل:

(لا ينال عهدي الظالمون) فلمن رفع أن يقول: وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا [التوبة/ ١٢٠] فأسند الفعل إليهم، ولم يقل: ولا ينالهم من عدو نيل، والنّيل: يكون مصدرا كالبيع. ويكون الشيء الذي ينال، مثل الخلق، والصّيد، وضرب الأمير. وقوله:

تفرجة القلب قليل النيل «٣».

يجوز أن يكون المعنى: قليل ما ينال، كما يقال: قليل الكسب، ويكون قليل النيل: قليل ما ينيل، وكلاهما ذمّ.

وقال «٤»: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران/ ٩٢].


(١) مجاز القرآن ١/ ٣٨.
(٢) في (ط): قوله تعالى.
(٣) بيت من الرجز في اللسان (فرج) و (ندل) أنشده ثعلب وبعده:
يلقى عليه نيدلان الليل وتفرجة: جبان ضعيف- النيدلان: الكابوس، وقيل: هو مثل الكابوس.
(٤) في (ط): وقال تعالى.