للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يقوّي أنه من النبأ الذي هو الخبر أن النباوة الرفعة، فكأنه قال: في البيت الذي وضعت فيه الرّفعة. وليس كلّ رفعة نبوءة، وقد تكون في البيت رفعة ليست بنبوءة. والمخبر عن الله «١» بوحي إليه المبلّغ عنه نبيء ورسول، فهذا الاسم أخصّ به «٢» وأشدّ مطابقة للمعنى المقصود إذا أخذ من النّبأ «٣». فإن قلت: فلم لا تستدلّ بقولهم: أنبياء، على جواز الأمرين في اللام من النبي، لأنهم قالوا: أنبياء ونباء، قال «٤»:

يا خاتم النّباء إنّك مرسل بالحقّ ......

قيل: ما ذكرته لا يدلّ على تجويز الأمرين فيه، لأن أنبياء إنما جاء لأن البدل لما لزم في نبيّ صار في لزوم البدل له، كقولهم: عيد وأعياد، فكما أن أعيادا لا تدل على أن عيدا من الياء، لكونه من عود الشيء، كذلك لا يدل أنبياء على أنه من النباوة، ولكن لمّا لزم البدل جعل بمنزلة تقيّ وأتقياء، وصفيّ وأصفياء ونحو ذلك، فلما لزم صار كالبريّة والخابية، ونحو ذلك مما لزم الهمز «٥» فيه حرف اللين بدلا من الهمزة. فما دل على أنه من الهمز قائم لم يعترض فيه شيء، فصار قول من حقّق الهمزة في النبيّ «٦»، كردّ الشيء إلى الأصل المرفوض استعماله


(١) في (ط): الله عز وجل.
(٢) في (م): منه.
(٣) رسمت همزة النبأ في الأصل هنا وفي السابق هكذا: (النباء) على السطر، وقد آثرنا الرسم الإملائي لها لصحة لفظه.
(٤) قطعة من بيت قاله العباس بن مرداس وتمامه:
بالحقّ كلّ هدى السبيل هداك سيبويه ٢/ ١٢٦ اللسان (نبا).
(٥) في (ط): الهمزة.
(٦) في (ط): النبيء.