للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون قسما، وإنما جاز أن تحمله على الحال دون جواب القسم، لأنه قد جاز أن يكون معرّى من الجواب، وإذا جعلت ما يجوز أن يكون حالا، فقد عرّيتها من الجواب. فمما يجوز أن يكون حالا قوله تعالى «١»: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ... [البقرة/ ٦٣] فقوله: وَرَفَعْنا يجوز أن يكون حالا وتريد فيه قد. وإن شئت لم تقدّر فيه الحال.

ومما يجوز أن يكون ما بعده فيه حالا غير جواب، قوله:

وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [البقرة/ ٨٣] فهذا يكون حالا كأنه أخذ ميثاقهم موحّدين، وكذلك «٢»: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ [البقرة/ ٨٤] أي: غير سافكين، فيكون حالا من المخاطبين المضاف إليهم. وإنما جاز كونهما لما ذكرنا من أجل أن هذا النحو قد تعرّى من أن يجاب بجواب القسم. ألا ترى أن قوله (خذوا) في الآية ليس بجواب قسم، ولا يجوز أن يكون جوابا له؛ وكذلك من قرأ:

«لا تعبدوا» فجعل لا للنهي كما كان: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ [آل عمران/ ١٨٧] قسما- وكذلك:

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ [النحل/ ٣٨] فكما أن لَتُبَيِّنُنَّهُ لا يكون إلا جوابا، كذلك يكون قوله: لا تَعْبُدُونَ ولا تَسْفِكُونَ. يجوز أن يكون جوابا للقسم. ويجوز أن يكون «لا تَسْفِكُونَ» ونحوه في تقدير: أن لا تسفكوا كأنّ تقديره: أخذنا ميثاقهم بأن لا يسفكوا. ولا يكون ذلك جواب


(١) سقطت من (ط).
(٢) في (ط): وكذلك قوله.