للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنزل عليك الكتاب بالحق [آل عمران/ ٣] وهذا اتفاق في «١» مذهب الفريقين، ومثل ذلك في احتماله الوجهين قوله: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء/ ١٩٣] في من رفع الرّوح. يكون الجارّ مثل الذي في مررت بزيد، ويكون حالا، كما تقول: نزل زيد بعدّته، وخرج بسلاحه وفي التنزيل: وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [المائدة/ ٦١].

ومما لا يكون إلا حالا قوله: وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ [الأنعام/ ١١٤] ألا ترى: أنّ أنزلت يتعدّى إلى مفعول واحد؟ فإذا بنيته للمفعول لم يبق له متعدّى إلى مفعول به، وقوله: مِنْ رَبِّكَ على حدّ وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وبِالْحَقِّ حال من الذَّكَرُ الذي في مُنَزَّلٌ، والعامل فيه منزل «٢».

ومما جاء الجارّ فيه حالا، كما جاء في الآي الأخر:

أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ [النساء/ ١٦٦] المعنى: أنزله وفيه علمه، كما أنّ: خرج بعدّته، تقديره: خرج «٣» وعليه عدّته. والعلم:

المعلوم، أي: أنزله وفيه معلومه. ومثل ذلك الصيد يراد به:

المصطاد. يدلّك على إرادتهم به المصطاد قوله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ [المائدة/ ٩٤] فالأيدي «٤» والرّماح إنما تلحق الأعيان ولا تلحق الأحداث.

وأما قوله: وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد/ ١٦] فمن


(١) في (ط): من.
(٢) في (ط): نزل.
(٣) سقطت من (ط).
(٤) في (ط): والأيدي.