للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحجج الظاهرة. وقد يجوز أن يكون: أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي: في حال تلاوته، ولا دلالة على أنّ إلقاء ذلك في حال التلاوة، إنما هو من التالي. لكن ممّن يريد التلبيس من شياطين الإنس، فيبيّن الله ذلك، ويظهره عند من نظر واعتبر، ثم يحكم الله آياته عن أن يجوز فيها ما لا يجوز في دينه من تمويه المموّهين، وتلبيس الملبسين، ومن ذلك قوله: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية/ ٢٩] فقوله: (نستنسخ) يجوز أن يكون ننسخ كقوله:

وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ [الصافات/ ١٤] أي يسخرون، ويجوز أن يكون يستدعي ذلك، واستدعاء ذلك إنّما هو بأمر الملائكة بكتابته وحفظه ليحتجّ عليهم بأعمالهم كقوله: بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف/ ٨٠] وقوله: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق/ ١٨] وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار/ ١٠] وقوله: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ [يونس/ ٣٠] وكقوله: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء/ ١٤] وكقوله تعالى «١»: فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ [الإسراء/ ٧١] ونحو ذلك من الآي التي تدلّ على أنّ أعمال العباد مكتوبة محصاة.

فأمّا قراءة ابن عامر ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ بضمّ النون، فالقول فيها: أنها لا تخلو من ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون أفعل لغة في هذا الحرف كقولهم: حلّ من إحرامه، وأحلّ.

وقولهم: بدأ الخلق وأبدأهم. أو تكون الهمزة للنقل كقولك: قام


(١) سقطت من (ط).