للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتركها؛ فالقول في ذلك: لا يخلو من «١» أن يكون المراد بنتركها الذي يراد به تقرير الشيء، كما تقول: اترك هذا في موضعه، أي: قرره فيه ولا ترفعه منه، أو يكون المراد بنتركها أي: نرفعها ونبدلها. فإن كان المراد الوجه الأول الذي هو التقرير في موضعه، وأن لا يرفع؛ فهذا لا يقع الأمر به، لأنه ليس إلى النبي «٢» ولا إلى المسلمين تقرير الآي في مواضعها، إنّما ذلك إلى الله «٣» إذا أنزل آية كانت مقرّرة حتى يرفعها بنسخ أو إنساء، فالأمر لنا بتقرير ذلك لا يصحّ إلا أن يراد الاعتقاد، لأن ذلك ثابت غير منسوخ، وهذا الأمر ليس بالكثير الفائدة، لأن النبي، صلّى الله عليه وآله وسلّم «٤»، والمسلمين إذا أنزل الله تعالى آية قرروها في موضعها، واعتقدوا أنه قرآن منزل وكلام لرب العالمين قد ثبت، حتى يرفع بنسخ أو نسيان إن كان ذلك يجوز فيها. وإن كان المراد بقوله: نأمركم بتركها، نأمركم بأن ترفعوا ذلك وتتركوه؛ فذلك ليس إلى النبي «٥» ولا إلى المسلمين، وإنما تبديلها ونسخها إلى الله «٦»، يدل على ذلك قوله: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ [يونس/ ١٥] فإن قال قائل: ما معنى تركها غير النسخ، وما الفصل بين الترك والنسخ؟ فالجواب في ذلك: أن النسخ أن يأتي في الكتاب نسخ آية بآية فتبطل الثانية العمل بالأولى، ومعنى الترك: أن تأتي الآية بضرب من العمل فيؤمر المسلمون بترك ذلك بغير آية تنزل ناسخة التي قبلها، نحو قوله:


(١) سقطت من (ط).
(٢) في (ط): صلى الله عليه.
(٣) في (ط): الله عز وجل.
(٤) سقطت من (ط).
(٥) في (ط): صلى الله عليه.
(٦) في (ط): الله تعالى.