للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: كُنْ فإنه وإن كان على لفظ الأمر فليس بأمر، ولكن المراد به الخبر، كأن التقدير يكوّن فيكون وقد قالوا: أكرم بزيد، فاللفظ لفظ الأمر، والمعنى والمراد: الخبر، ألا ترى أنه بمنزلة: ما أكرم زيدا، فالجار والمجرور في موضع رفع بالفعل. وفي التنزيل: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم/ ٧٥] فالتقدير: مدّه الرحمن. وإذا لم يكن قوله: كُنْ أمرا في المعنى، وإن كان على لفظه؛ لم يجز أن تنصب الفعل بعد الفاء بأنه جوابه، كما لم يجز النصب في الفعل الذي تدخله الفاء بعد الإيجاب نحو: آتيك فأحدّثك، إلّا أن يكون في شعر نحو قوله «١»:

ويأوي إليه المستجير فيعصما ومما يدل على امتناع النصب في قوله: فَيَكُونُ أن الجواب بالفاء مضارع للجزاء. يدلّ على ذلك أنه يؤول في المعنى إليه. ألا ترى أن: اذهب فأعطيك معناه: إن تذهب أعطيتك [والأجود إن ذهبت أعطيتك] «٢» فلا يجوز: اذهب فتذهب. لأن المعنى يصير: إن ذهبت ذهبت، وهذا كلام لا يفيد، كما يفيد إذا اختلف الفاعلان والفعلان، نحو: قم فأعطيك، لأن المعنى: إن قمت


فجعلوا ما جاء في الآية مجازا لا حقيقة، فاعرف ذلك؛ إنّه خلاف مذهبه». اهـ كذا وردت العبارة، وفيها إشكال في قوله: خلاف مذهبه.
(١) عجز بيت لطرفة بن العبد، وصدره:
لنا هضبة لا ينزل الذلّ وسطها وورد البيت في (ط) كاملا. انظر الديوان/ ١٩٤.
(٢) ما بين المعقوفتين سقطت من (م).