للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنه مضارع ومضيت ماض، فكما جاز عطف الماضي على المضارع كذلك يجوز عطف فَيَكُونُ على خَلَقَهُ. قيل: لا يكون هذا بمنزلة البيت، لأن المضارع فيه في معنى المضي، والمراد به: ولقد مررت فمضيت، فجاز عطف الماضي على المضارع، من حيث أريد بالمضارع المضيّ وليس المراد بقوله: فَيَكُونُ في الآية المضيّ، فيعطف فيها «١» على الماضي. فإذا كان كذلك تبينت بامتناع العطف في قوله: ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. على أن العطف في قوله:

فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إنما هو على كُنْ، الذي يراد به يكوّن، فيكون خبر مبتدأ محذوف كأنه: فهو يكون.

فإن قلت؛ فهلا قلت: إن العطف على كن إذا كان المراد به يكوّنه غير سهل، لأنّ قوله فيكون حينئذ قليل الفائدة، ألا ترى أن يكوّنه يدل على أنه يكون. قيل له: ليس بقليل الفائدة، لأن المعنى: فيكون بتكوينه، أي بإحداثه، لا يكون حدوثه ووجوده على خلاف هذا الوجه، فإذا كان كذلك كان مفيدا، كما أن قولهم: لأضربنّه كائن ما كان، بالرفع في كائن كلام قد استعملوه وحسن عندهم، وإن كان قد علم أنّ ما يكون فهو كائن، ولكن لما دخله من المعنى أي لا أبالي بذلك، حسن، فاستعمل، ولم يكن عندهم بمنزلة ما لا يفيد


عندهما لرجل من بني سلول. والظاهر أن البغدادي لم يقف على الأبيات في الأصمعيات، لأنه نقل عن الأصمعي بيتين آخرين في معنى البيت الشاهد، ولم يتعرض لذكر الأصمعيات.
(١) في (ط): فيه.