للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو؟» «١» فزيد داخل في حيز الاستفهام، وليس المعنى: سل زيداً، ولكن التقدير: سل الناس: أأبو بشر زيد أم أبو عمرو؟

ولو قلت: سل زيداً على هذا الحد، لم يجز؛ لأن زيداً ليس بمسئول، إنما هو مسئول عنه، وإنما يأمر المخاطب أن يسأل غيره عنه، فلهذا قال: لو «٢» قلت: سل زيداً على هذا الحد لم يجز، وذلك لما ذكرناه من انقلاب المعنى. وهذا مما يقوي قول يونس: قد علمت زيداً أبو من هو. ألا ترى أن هذا من المواضع التي ليس يجوز فيها أن يعمل الفعل في الاسم الداخل في حيز الاستفهام، فإذا أتت مواضع ليس يجوز فيها ذلك، جاز أن لا يعمل الفعل في المفعول الذي يجوز أن يعمل فيه نحو: علمت زيداً أبو من هو.

فالمفعول في هذا الموضع محذوف، لأن المعنى: اسأل إنساناً زيد أبو من هو؟ وكذلك قوله: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ ...

[المعارج/ ١] كأن المعنى: سأل سائل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٣» أو المسلمين بعذاب واقع، فلم يذكر المفعول الأول. وسؤالهم عن العذاب، إنما هو استعجالهم له لاستبعادهم لوقوعه، ولردهم ما يوعدون به منه، وعلى هذا قال: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ [الحج/ ٤٧] يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [العنكبوت/ ٥٤] وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ، وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ [الرعد/ ٦]


(١) انظر الكتاب ١/ ١٢١ باب ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره.
(٢) في (ط): ولو.
(٣) سقطت من (ط).