للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحجة «١» لمن قرأ: وَلا تُسْئَلُ بالرفع أن الرفع يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون حالًا فيكون مثل ما عطف عليه من قوله: بَشِيراً وَنَذِيراً [البقرة/ ١١٩] وغير مسئول «٢». ويكون ذكر تُسْئَلُ- وهو فعل بعد المفرد الذي هو قوله: بَشِيراً- كذكر الفعل في قوله: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ [آل عمران/ ٤٦] بعد ما تقدم من المفرد. وكذلك قوله: وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [آل عمران/ ٤٥] وهو قد يجري مجرى الجمل «٣».

والآخر: أن يكون منقطعاً من الأول مستأنفاً به، ويقوي هذا الوجه ما روي من أن عبد الله أو أبيّا قرأ أحدهما: وما تسأل، والآخر: ولن تسأل «٤»، فكل واحدة من هاتين القراءتين يؤكد حمله على الاستئناف. ويؤكّد وجهي الرفع قوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [البقرة/ ١٧١] وقوله: ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ [المائدة/ ٩٩].

ومما يجعل للفظ الخبر مزية على النهي أن الكلام الذي قبله وبعده خبر فإذا كان أشكل بما قبله وما بعده كان أولى.

ووجه قراءة نافع بالجزم للنهي: ما روي أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم


(١) في (ط): والحجة.
(٢) انظر تفسير الطبري ١/ ٥١٧.
(٣) في (ط): الجملة.
(٤) قال ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٣٣ (ط الشعب): وفي قراءة أبي بن كعب:
وما تسأل وفي قراءة ابن مسعود ولن تسأل نقلها ابن جرير. انظر تفسيره ١/ ٥١٦.