للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التوبة/ ٧١] المعنى فيه: أن بعضهم يوالي بعضاً، ولا يبرأ بعضهم من بعض، كما يبرءون ممن خالفهم وشاقّهم، ولكنهم يد واحدة في النصرة والموالاة، فهم أهل كلمة واحدة لا يفترقون فرقة مباينة ومشاقّة، ومن ثمّ قالوا في خلاف الولاية:

العداوة، ألا ترى أنّ العداوة من عدا الشيء: إذا جاوزه «١» فمن ثمّ كانت خلاف الولاية.

فأمّا قوله عزّ وجلّ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا [النساء/ ١٣٥] فيمن قرأ تَلْوُوا «٢» فمعناه والله أعلم: الإقبال عليهنّ والمقاربة لهنّ في العدل في قسمهنّ، ألا ترى أنه قد عودل بالإعراض في قوله تعالى: أَوْ تُعْرِضُوا فكأنّ قوله تعالى «٣»: (إن تلوا) كقوله: إن أقبلتم عليهنّ، ولم تعرضوا عنهنّ.

فإن قلت: فهل يجوز أن يكون في تَلْوُوا دلالة على المواجهة فتجعل قوله: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ منقولًا من هذا، فمن ثمّ اقتضى المواجهة، وتستدلّ على ذلك بمعادلته لخلافه الذي هو الإعراض؟

فالقول: إن ذلك في هذه الكلمة ليس بالظاهر، ولا في الكلمة دلالة على هذه المخصوصة التي جاءت في قوله:

فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [البقرة/ ١٤٤] وإذا لم تكن عليها دلالة، لم تصرفها عن الموضع الذي جاءت فيه، فلم تنفذها إلى سواها.


(١) في (ط): جازه.
(٢) وهي قراءة حمزة وابن عامر، وستأتي في الجزء الثالث.
(٣) سقطت من (ط).