للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله عزّ وجلّ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ «١» [التين/ ٦] على قوله: «إلا حل ذاك أن أفعله» ولو ألحقت المبتدأ ليت أو لعلّ «٢» لم يجز دخول الفاء على الخبر، لأن الجزاء الجازم وغير الجازم خبر فإذا دخلت ليت ولعلّ، خرج بدخولهما الكلام عن أن يكون خبراً، وإذا خرج عن ذلك، لم يجز لحاق الفاء التي تدخل مع الخبر. ومثل ذلك قوله تعالى «٣»: وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ [المائدة/ ٩٥] وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا [البقرة/ ٢٦] ومَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها [الأنعام/ ١٦٠] وفَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف/ ٢٩] إلا أنّ قوله: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ إذا جعلته موصولًا ولم تجعل شاء في موضع جزم، احتمل مَنْ شاءَ ضربين من الإعراب: أحدهما: أن يكون مرفوعاً بالابتداء وفَلْيُؤْمِنْ في موضع خبر. والآخر: أن يكون مرتفعا بالابتداء يفسّره: (فليؤمن) مثل: زيد ليضرب. والفاء الداخلة في الخبر تحتمل أمرين: أحدهما: أن تكون زيادة مثل قولهم: أخوك فوجد، والآخر: أن يكون دخولها من أجل الصلة. ومثله:

وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً [الفرقان/ ٧١].

فإن قلت: وما معنى وَمَنْ تابَ فَإِنَّهُ يَتُوبُ؟.

فالقول في ذلك، أن اللفظ على شيء والمعنى على غيره، وذلك غير ضيّق في كلامهم، ألا ترى أنّهم قد قالوا: ما


(١) وهو مما دخلت فيه الفاء على غير النحو الذي مثل به من الابتداء وحمله على قول العرب: «إلّا حلّ ذاك أن أفعله» انظر سيبويه باب ما يكون مبتدأ بعد إلا ١/ ٣٧٤.
(٢) في (م): ولعل بإسقاط الألف.
(٣) سقطت (قوله تعالى) من (ط).