للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى غيره فيما ذكر محمد بن السّريّ «١»:

وما عنده رزقي علمت ولا له ... عليّ من الرّيح الجنوب ولا الصّبا

وتقدير هذا أيضاً: ولا له عليّ من فضل الريح فضل الجنوب ولا فضل الصّبا.

الأبين في قوله: وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ [البقرة/ ١٦٤] الجمع، وذلك أن كلّ واحدة من هذه الرياح مثل الأخرى في دلالتها على الوحدانية وتسخيرها لينتفع الناس بها بتصريفها، وإذا كان كذلك فالوجه أن يجمع لمساواة كلّ واحدة منها الأخرى فيما ذكرنا، وقد «٢» يجوز في قول من وحّد أن يريد به الجنس كما قالوا: أهلك الناس الدينار والدّرهم.

وعلى هذا ينبغي أن يحمل التوحيد للريح، لأن كلّ واحدة مثل الأخرى في وضع الاعتبار لها والاستدلال بها.

فأما قوله تعالى: وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً [الأنبياء/ ٨١] فإن كانت الرياح كلّها سخّرت له، فالمراد بها الكثرة، وإن سخّرت له ريح بعينها، كان كقولك: الرجل، وأنت تريد به العهد.

وأما قوله تعالى: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [الذاريات/ ٤١] فهي واحدة يدلّك «٣» على ذلك قوله


(١) سبقت ترجمته في ١/ ٦.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) في (ط): يدل.