للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: فكيف جاء إِذْ في قوله: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ [البقرة/ ١٦٥] وهذا أمر مستقبل وإِذْ لما مضى؟.

فالقول فيه: إنه إنما جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ [النحل/ ٧٧] وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ «١» [الشورى/ ٤٢] فلما أريد فيها من التحقيق والتقريب، جاء على لفظ المضيّ وعلى هذا جاء في ذلك «٢» المعنى أمثلة الماضي كقوله: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ [الأعراف/ ٥٠] ومما جاء على لفظ المضيّ للتقريب من الحال قول المقيم المفرد: قد قامت الصلاة. يقول ذلك قبل إيقاعه التحريم بالصلاة لقرب ذلك من قوله. وعلى هذا قول رؤبة «٣»:

أوديت إن لم تحب حبو المعتنك فإنما أراد بذلك تقريب معاينة الهلاك وإشفاءه عليه. فأتى بمثال الماضي لما أراد به من مشارفته، وجعله سادّاً مسدّ الجواب من حيث كان معناه الاستقبال في الحقيقة، وأن الهلاك لم يقع بعد، ولولا ذلك لم يجز، ألا ترى أنّه لا يكون: قمت إن قمت، إنما تقول: أقوم إن قمت، وقوله تعالى «٤»:


(١) في الأصل: (وإن الساعة لقريب) وليس في القرآن آية بهذا النص.
(٢) في (ط) هذا بدل ذلك.
(٣) الديوان ص ١١٨ من أرجوزة يمدح فيها الحكم بن عبد الملك والمعتنك: البعير يصعد في العانك من الرمل وهو المتعقد منه. وانظر الخصائص ٢/ ٣٨٩.
(٤) سقطت من (ط).