للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله:/ ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم [النساء/ ٩٤] وقوله: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [النحل/ ٨٧] فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ [النحل/ ٢٨] فليس الإلقاء هاهنا كالإلقاء في قوله تعالى «١»:

إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ [آل عمران/ ٤٤] وقوله سبحانه «٢»: وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ [النحل/ ١٥] ألا ترى أن الإلقاء هنا رمي وقذف؟ وهذا إنما يكون في الأعيان، وليس في قوله: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم [النساء/ ٩٤] والآي الأخر عين تلقى، ولكن تلك الآي: بمنزلة قوله عز وجل: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة/ ١٩٥].

والمعنى: لا تقولوا لمن استسلم إليكم، وانقاد وكفّ عن قتالكم: لست مؤمناً. وكذلك المعنى في قوله تعالى «٢»: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [النحل/ ٨٧] كأنهم استسلموا لأمره ولما يريده منهم من عذابه وعقابه، لا مانع لهم منه ولا ناصر.

وكذلك قوله تعالى «٢»: وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ [الزمر/ ٢٩] أي: يستسلم له ويستخذي، فينقاد لما يريده منه ولا يمتنع عليه، وقد قرئ سالما لرجل وسالم: فاعل. وهو في هذا الموضع حسن لقوله: فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ [الزمر/ ٢٩] أي: في أصحابه وخلطائه شركاء متشاكسون، يخالف بعضهم بعضاً، فلا ينقاد أحد منهم لصاحبه، فمسالم


(١) سقطت من (ط).
(٢) سقطت من (ط)