للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكسائي يقرؤها دهراً رفعاً، ثم رجع إلى النصب.

وروى ذلك عنه الفرّاء «١»، قال: حدثني به وعنه محمد بن الجهم عن الكسائي «٢».

قال أبو علي: قوله عز وجلّ: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ من نصب فالمعنى: وزلزلوا إلى أن قال الرسول.

وما ينتصب بعد حتى من الأفعال المضارعة على ضربين «٣»: أحدهما: أن يكون بمعنى إلى، وهو الّذي تحمل عليه الآية. والآخر: أن يكون بمعنى كي، وذلك قولك:

أسلمت حتى أدخل الجنة، فهذا تقديره: أسلمت كي أدخل الجنة. فالإسلام قد كان، والدخول لم يكن، والوجه الأول من النصب قد يكون الفعل الذي قبل حتى مع ما «٤» حدث عنه قد مضيا جميعاً. ألا ترى أن الأمرين في الآية كذلك.

وأما قراءة من قرأ: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ بالرفع، فالفعل الواقع بعد حتى إذا كان مضارعاً لا يكون إلّا فعل حالٍ، ويجيء أيضاً على ضربين:

أحدهما: أن يكون السبب الذي أدّى الفعل الذي بعد حتى قد مضى، والفعل المسبّب لم يمض، مثال ذلك قولهم:

«مرض حتى لا يرجونه» و: «شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه». وتتّجه على هذا الوجه الآية، كأن المعنى: وزلزلوا


(١) معاني القرآن ١/ ١٣٣.
(٢) كتاب السبعة ١٨١ - ١٨٢.
(٣) انظر مغني اللبيب (حتى) ١٦٩ - ١٧٠ (ط. د. الفكر).
(٤) رسمت مع ما في الأصل موصولة هكذا: معما.