للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أهل النظر من يذهب إلى أن قوله جل وعز «١»: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ [البقرة/ ٢١٩] دلالة على تحريمها لقوله: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ [الأعراف/ ٣٣] فقد حرّم الإثم، وقال: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ فوجب أن يكون محرماً.

وقال: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ، والمعنى: في استحلالهما.

ألا ترى أنّ المحرم إنّما هو بعض المعاني التي فيهما، وكذلك «٢» في سائر الأعيان المحرّمة. وقال أبو حنيفة فيما أخبرنا أبو الحسن: أنه إذا نظر إليها على وجه التلذّذ بها فقد أتى محظوراً، وكذلك قوله تعالى «٣»: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما إنما هو إثمُ معاصٍ تفعل فيها، وأسبابٍ لها.

وقال بعض نقلة الآثار: تواتر الخبر أن الآية التي في البقرة نزلت، ولم يحرّم بها، وقد اختلف في الآية التي حرّمت [بها الخمر، فقال قوم: حرمت بهذه الآية، وقال قوم:

حرمت] «٤» بالآي التي في المائدة.

فيعلم من ذلك أنّ الاثم يجوز أن يقع على الكبير وعلى الصغير، لأن شربها قبل التحريم لم يكن كبيراً، وقد قال:

فيهما إثمٌ كبير. وقال: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً [النساء/ ١١٢] فالخطيئة تقع على الصغير والكبير، فمن الصغير قوله: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ


(١) سقطت من (ط).
(٢) سقطت من (ط).
(٣) سقطت من (ط).
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).