فإنما قوله:«ماذا بال نسوتكم» بمنزلة: ما بال نسوتكم، فاستعملوا ماذا استعمال ما، من غير أن ينضم إليها ذا. ألا ترى أنّك لو حملت ذا على الذي في البيت لم يسهل: ما الذي هو بال نسوتكم؟ لأن المستعمل: ما بالك دون الآخر. فإنما جعل ماذا بمنزلة ما، كما جعل الآخر في قوله:
دعي ماذا علمت ...
بمنزلة: دعي ما علمت، ألا ترى أنك لو لم تجعلهما اسماً واحداً، لجعلت ما استفهاماً، ولا يجوز وقوع دعي ونحوه من الأفعال قبل الاستفهام، ولا يعلّق عنه.
فإذا تبين بما ذكرنا أن ما مع (ذا) بمنزلة اسم واحد كان قوله تعالى: ماذا يُنْفِقُونَ بمنزلة قوله: ما ينفقون، وقوله: ماذا في موضعٍ نصبٍ، كما أن ما في قولك: ما ينفقون؟ وأيّا في قولك: أياً ينفقون؟ كذلك، فجواب هذا: الْعَفْوَ بالنصب.
كما تقول في جواب ما أنفقت؟ درهماً. أي: أنفقت درهماً.
فهذا وجه قول من نصب الْعَفْوَ في الآية.
وأما وجه قول من رفع فقال: قُلِ الْعَفْوَ فإن ذا تجعل بمنزلة الذي بعد ما. ولا تجعل معها بمنزلة اسم واحد، فإذا قال: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ [النحل/ ٢٤] فكأنه قال: ما الذي أنزله ربّكم؟ فجواب هذا: قرآنٌ وموعظةٌ حسنةٌ، فتضمر المبتدأ الذي كان خبراً في سؤال السائل، كما تقول في جواب: ما الذي أنفقته؟ مال زيد، أي: الذي أنفقته مال زيد. فمما جاء