للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الفاعل، ولم يجعله بمنزلة قولك: أسرت حتى تدخلها؟ في أن الرفع لا يجوز في الفعل بعد حتى، لأنك لم تثبت سيراً في قولك: أسرت حتى تدخلها. فصار بمنزلة قولك: ما سرت حتى ادخلها، وقد أثبتّ السير في قولك: أيّهم سار حتى يدخلها.

ووجه قول ابن عامر وعاصم في النصب من فاء فَيُضاعِفَهُ أنه حمل الكلام على المعنى، كأنه لما كان المعنى:

أيكون قرض؟ حمل قوله: فَيُضاعِفَهُ على ذلك «١». كما أنّ من قرأ قوله: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ [الأعراف/ ١٨٦] جزم قوله وَيَذَرُهُمْ «٢» لما كان معنى قوله:

فَلا هادِيَ لَهُ: لا يهده، ونحو ذلك مما يحمل فيه الكلام على المعنى دون اللفظ، ألا ترى أنّ يُقْرِضُ ليس بمستفهم عنه؟ وإذا لم يكن مستفهما عنه بالدّلالة التي ذكرنا؛ لم يجز أن ينزّل الفعل إذا ذكرته منزلة ذكر المصدر، كما لا يجوز ذلك في الإيجاب في حال السّعة. وإذا لم يجز ذلك في الإيجاب في حال السعة كما جاز في غير الإيجاب، لم يكن للنصب مساغ، وإذا كان كذلك، حملت النصب في قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ في قول من نصب على المعنى كما تقدم ذكره.

فأمّا القول في (فيضاعف ويضعف) فكل واحد منهما في معنى الآخر، كما قال سيبويه. ومثل ذلك في أن الفعلين


(١) وانظر مشكل إعراب القرآن ١/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) ذكر أبو حيان أنها قراءة ابن مصرف والأعمش والأخوين وأبي عمرو، فيما ذكر أبو حاتم (البحر المحيط ٤/ ٤٣٣).