للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الخليل قد ينتفع بخلّة خليله، كما أنّ المشفوع له قد ينتفع عند شفاعة الشافع له، فأعلم سبحانه أن ذلك كلّه لا ينفع في ذلك اليوم، قال تعالى: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ [غافر/ ١٨].

فأما قوله: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ [إبراهيم/ ٣١] فإنّ قوله: خِلالٌ يحتمل أمرين: يجوز أن يكون جعل الخلّة كالأسماء، كما جعل غيرها من المصادر كذلك، فكسّر تكسيرها، وجعل كقولهم: برمة وبرام، وجفرة وجفار، وعلبة وعلاب «١»، ويجوز أن يكون مصدر: خاللته مخالّة وخلالًا.

أنشد أبو عبيدة «٢»:

ويخبرهم مكان النّون منّي ... وما أعطيته عرق الخلال

وأما قوله تعالى: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ [الطور/ ٢٣] فإن


(١) البرمة: قدر من الحجارة والجمع برام- والجفرة: وسط الشيء ومعظمه والجمع جفر وجفار. والعلبة: قدح ضخم من جلود الإبل، وقيل: العلبة من خشب كالقدح الضخم يحلب فيها والجمع علب وعلاب- وقيل:
العلاب: جفان تحلب فيها الناقة.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٣٤١ وهو للحارث بن زهير العبسي يصف سيفاً، وقبله:
سيخبر قومه حنش بن عمرو ... إذا لاقاهم وابنا بلال
والعرق بمعنى الجزاء. وعرق الخلال: ما يرشح لك الرجل به، أي:
يعطيك للمودة، والنون: اسم سيف مالك بن زهير، وكان حمل بن بدر أخذه من مالك يوم قتله، وأخذه الحارث من حمل بن بدر يوم قتله.
يقول: لم يعرق لي بهذا السيف عن مودة، إنما أخذته منه غصباً.
انظر الجمهرة ١/ ٧٠ والنقائض ١/ ٩٦ والسمط ٥٨٣ واللسان (عرق).