للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدّ ما اجتمعا في فَنِعِمَّا في قراءة من أسكن العين وهو:

كأنّه بعد كلال الزاجر ... ومسحي مرّ عقاب كاسر

«١» وأنكره أصحابه «٢». ولعل أبا عمرو أخفى ذلك كأخذه بالإخفاء في نحو «٣» بارِئِكُمْ «٤» [البقرة/ ٥٤]، وَيَأْمُرُكُمْ «٤» [البقرة/ ٦٧] فظنّ. السامع الإخفاء إسكاناً للطف ذلك في السّمع وخفائه.

وأمّا من قرأ: فَنِعِمَّا، فحجّته أنّه أصل الكلمة نعم، ثم كسر الفاء من أجل حرف الحلق. ولا يجوز أن يكون ممن قال: نعم، فلمّا أدغم حرّك، كما يقول: يَهْدِي


فتجوّز بذكر الإدغام، وليس ينبغي لمن قد نظر في هذا العلم أدنى نظر أن يظن سيبويه ممن يتوجه عليه هذا الغلط الفاحش حتى يخرج فيه من خطأ الإعراب إلى خطأ الوزن. لأنّ هذا الشعر من مشطور الرجز، وتقطيع الجزء الذي فيه السين والحاء: «ومس حهي» مفاعلن، فالحاء: بإزاء عين مفاعلن، فهل يليق بسيبويه أن يكسر شعراً، وهو من ينبوع العروض، وبحبوحة وزن التفعيل؟!» ا. هـ. (من سرّ الصناعة ١/ ٦٦).
(١) البيت من شواهد سيبويه ٢/ ٤١٣ على إدغام الهاء في الحاء في كلمة «مسحي» كما جاء رسمها في الكتاب، وأصله: «مسحه» وفي سرّ صناعة الإعراب ص ٦٥ والمحتسب ١/ ٦٢. قال الأعلم: يريد- سيبويه- أنّه أخفى الهاء عند الحاء في قوله: «مسحه» وسماه إدغاما لأنّ الإخفاء عنده ضرب من الإدغام، ولا يجوز الإدغام في البيت لانكسار الشعر. وكذلك بيّنه ابن جني. وجاء رسم «مسحي» في (ط). وفي (م): «مسحه» وكتب فوقها كلمة: «مدغم».
(٢) من أمثال أبي الحسن الأخفش الذي ذكره ابن جني.
(٣) زيادة من (ط).
(٤) كتب فوقهما في (م): «مخفي».