للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وإذا كان الحيوان مقيما فهو بمنزلة ما لا يبرح نحو:

الدار، والطريق، فهو كقولك: ضللته ضلالة. وقال أبو الحسن: تقول: ضللت دار فلان، وقال الفرزدق:

ولقد ضللت أباك تدعو دارما ... كضلال ملتمس طريق وبار

«١» وفي كتاب الله تعالى: فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [طه/ ٥٢] أي: لا يضلّ الكتاب عن ربّي. وأمّا موضع أن فنصب وتعلّقه إنّما هو بأحد الأشياء التي تقدّم ذكرها.

والمعنى: استشهدوا رجلين أو رجلا وامرأتين لأن تضلّ إحداهما فتذكّر. فإن قيل: فإنّ الشهادة لم توقع للضلال الذي هو النسيان إنّما وقعت للذكر والحفظ. فالقول في ذلك أنّ سيبويه قد قال: أمر بالإشهاد لأن تذكّر إحداهما الأخرى، ومن أجل أن تذكّر إحداهما الأخرى. قال: فإن قال إنسان: كيف جاز أن يقول: «أن تضلّ إحداهما» ولم يعدّ هذا للضلال والالتباس «٢»؟ فإنّما ذكر «أن تضلّ» لأنّه سبب للإذكار كما


(١) البيت في ديوان الفرزدق ٢/ ٤٥٠ وفيه تطلب بدل تدعو، قال ياقوت في معجم البلدان ٥/ ٣٥٧ (وبار): قرية كانت لبني «وبار» وهم من الأمم الأولى، منقطعة بين رمال بني سعد وبين الشّحر ومهرة، ويزعم من أتاها أنهم يهجمون على أرض ذات قصور مشيدة ونخل ومياه مطر، وليس بها أحد، يقال: إن سكانها الجن، لا يدخلها إنسي إلّا ضلّ قال الفرزدق:
وأنشد البيت مع آخر:
لا تهتدي أبدا ولو بعثت به ... بسبيل واردة ولا آثار
اهـ منه. وذكر ياقوت أساطير عجيبة عن وبار ..
(٢) في سيبويه: «للالتباس».