للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فممّا هو خلاف النسيان قوله: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف/ ٦٣].

وقال: نَسِيا حُوتَهُما [الكهف/ ٦١] فأسند النسيان إليهما، والناسي فتى موسى، فيجوز أن يكون المعنى؛ نسي أحدهما، فحذف المضاف، وقد تقدم ذكر شيء من هذا النحو.

والذكر الذي هو قول يستعمل على ضربين: قول لا ثلب فيه للمذكور، والآخر يراد به ثلب المذكور. فمن الأول قوله:

فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ [البقرة/ ٢٠٠]، وقوله:

فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [البقرة/ ١٩٨] وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ [البقرة/ ٢٠٣] وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام/ ١٢١].

ومن الذّكر الّذي يراد به الثلب، قوله: قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ [الأنبياء/ ٦٠]، فهذا الذكر يشبه أن يكون من جنس ما واجههم به في قوله تعالى «١»: قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الأنبياء/ ٦٧]. ومن ذلك قول الشاعر:

بذكركم منّا عديّ بن حاتم ... لعمري لقد جئتم حبولا ومأثما

«٢»


(١) سقطت من (ط).
(٢) الحبل والحبل: الداهية، وجمعها حبول انظر اللسان (حبل) واستشهد ابن