للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم جاء: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ «١» [البقرة/ ١٨٥] فإن شئت جعلته مثل قوله: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ، وإن شئت جعلته مبتدأ محذوف الخبر، كأنّه لمّا تقدم: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [البقرة/ ١٨٣] قيل: فيما كتب عليكم من الصيام شهر رمضان، أي صيامه، كما قال:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا [النور/ ٢] أي: فيما فرض عليكم الزانية والزاني، أي: حكمهما. وكذلك مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ «٢» [محمد/ ١٥]. وإن شئت جعلته ابتداء «٣» وجعلت خبره الموصول كقولك: زيد الذي في الدار. فإن قلت: إذا جعلت الذي وصفا في قوله: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فكيف لم يكن «٤» عن الشهر كقولك: شهر رمضان المبارك من شهده فليصمه؟ فإنّ ذلك يكون كقوله: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة/ ١]، والْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ [القارعة/ ١] ونحو ذلك.

وأمّا جواز دخول معنى الجزاء فيه فلأنّ شهر رمضان وإن كان معرفة فليس بمعرفة معيّنة، ألا ترى أنه شائع في جميع هذا القبيل لا يراد به واحد بعينه، فلا يمتنع من أجل ذلك من معنى الجزاء، كما يمتنع ما يشار به إلى واحد مخصوص، ومن ثم لم يمتنع ذلك «٥» في صفة الموت في قوله: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ لأنّ الموت ليس يراد به موت بعينه، إنّما يراد


(١) زاد في (ط): «فليصمه».
(٢) زاد في (ط): «فيها».
(٣) في (ط): مبتدأ.
(٤) في (ط): لم تكن. أي: لم يعد عليه الضمير فيقال: فمن شهده بدلا من الاسم الظاهر.
(٥) سقطت هذه الكلمة من (ط).