(٢) سورة الأنبياء، الآية (٥٦). (٣) المجبرة أو الجبرية هم الذين يقولون: إن للعبد قدرة غير أنه لا أثر لها البتة وأفعاله مخلوقة لله وحده ولم يثبتوا كسبا للعبد ولا مقدورا بين قادرين. وهذه مسألة يكثر فيها الخوض ويتحير فيها العقل ويتخبط فيها الفهم وتحتاج إلى كلام كثير، وقد اختلفت أقوال الطوائف في مثل هذا، فمذهب أهل الحق: أن الرب - سبحانه - منفرد بخلق المخلوقات ولا خالق سواه ولا مبدع غيره وكل حادث فإنه محدثه. وقالت المعتزلة: إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأعمالهم لم يخلقها الله، ثم اختلفوا فقالت طائفة: خلقها الذين فعلوها دون الله. وقال آخرون: ليست مخلوقة ولكنها أفعال موجودة لا خالق لها. وقال آخرون: هي فعل الطبيعة. وقال الذين زعموا أن العباد خلقوها: إن وقوع الأفعال من العبد على وفق قصده وداعيته إقداما وإحجاما دليل على أنه موجدها ومخترعها، قالوا: ولولا ذلك لكانت التكاليف كلها واقعة على خلاف الاستطاعة وتكليفها بالمحال وكان لا يحسن مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب وهو خلاف مقتضى العقل والشرع والعرف. ونقل عن الإمامية: هل أفعال العباد خلق لهم أو خلق لله على قولين. ونقل الأشعري عن الزيدية: أنهم فرقتان، فرقة تزعم أن أفعال العباد مخلوقة لله خلقها وأبدعها، وفرقة تزعم أنها مخلوقة لله وأنها كسب للعباد أحدثوها واخترعوها -