للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة النور [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١)}

قوله - عز وجل: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها} خصّها بهذا الافتتاح؛ لأن المقصود بها الزجر، فافتتحت بجلد الزاني وحد القاذف ولعان الزوج إذا لم يكن له بينة على قذفها، فابتدئت بالأغلظ كما في قوله - تعالى: {بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} (١) وقيل: بدئ بها تشريفا للنبي صلّى الله عليه وسلم ببراءة زوجاته مما قذفن به.

والسورة اسم للمنزلة الشريفة قال الشاعر [من الطويل]:

ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (٢)

قرئ {وَفَرَضْناها} بالتشديد والتخفيف (٣)، فمن قرأ بالتشديد فمعناه التكثير فيما فرض فيها، ومن قرأ بالتخفيف فمعناه التقدير، كقوله - تعالى: {فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ} (٤).

وقيل: أراد بالتخفيف ما فرض فيها من الأحكام، وفصل من الحلال والحرام.

{الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)}

وبدأ بذكر الزانية؛ لغلبة الشهوة على النساء، أو لأنه من النساء أقبح وأضر؛ لما يخشى من


(١) سورة التوبة، الآية (١).
(٢) البيت للنابغة الذبياني، ينظر في: تاج العروس للزبيدي (سور)، تفسير القرطبي (١/ ١٠٢)، روح المعاني للألوسي (١/ ٣٤)، صبح الأعشى للقلقشندي (٢/ ٦٤)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٥)، لسان العرب (سور)، النكت والعيون للماوردي (٣/ ١٠٧).
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو «وفرّضناها» وقرأ الباقون «وفرضناها».
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٢٧)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٥٩)، حجة أبي زرعة (ص: ٤٩٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٠٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٥٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٠).
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>