للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الفيل [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢)}

روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة (١) النجاشي بني كنيسة بصنعاء اليمن، وسمّاها "القليس" وأراد أن يصرف إليها حج العرب، فخرج رجل من كنانة، فقعد فيها ليلا، فأغضبه ذلك، وقيل: أججت رفقة من اليمن نارا، فحملتها الريح فأحرقتها، فحلف أبرهة ليهدمن الكعبة فخرج بالجيش، ومعه فيل له اسمه: محمود وكان قويّا عظيما، واثنا عشر فيلا. وقيل: ثمانية، وقيل ألف فيل. وقيل: لم يكن معه غير محمود، فلما بلغ المغمّس (٢) خرج إليه عبد المطلب، وعرض عليه ثلث أموال تهامة؟ ليرجع فأبى، وعبّأ جيشه، وقدم الفيل، وكانوا كلما وجهوه برك وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيرها من الجهات هرول، فأرسل الله طيرا سودا، وقيل: خضرا، وقيل: بيضا مع كل طائر حجر في منقاره، وحجران في رجليه أكبر من العدسة، وأصغر من الحمصة. وعن ابن عباس أنه رأى منها عند أم هانئ نحو قفيز مخططة بحمرة، كالجزع الظفاري (٣) فكان الحجر يقع على رأس الرجل، فيخرج من دبره، ففروا وهلكوا في كل طريق ومنهل. وأما أبرهة فتساقطت أنامله، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، وانفلت وزيره أبو يكشوم، وطائر يحلق فوق رأسه حتى بلغ النجاشي فقص عليه، فلما فرغ من القصة ألقى الطائر عليه الحجر فهلك بين يدي النجاشي (٤).


(١) في الأصل: أصمحة، والصواب ما أثبتناه.
(٢) المغمس: موضع قرب مكة في طريق الطائف مات فيه أبو رغال وقبره يرجم؛ لأنه كان دليل صاحب الفيل فمات هناك. ينظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (٥/ ١٦١).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٩٧)، والجزع: ضرب من الخرز. وقيل: هو الخرز اليماني، وهو الذي فيه بياض وسواد تشبه به الأعين، والجزع: الصبغ الأصفر. والظفاري: نسبة إلى ظفار: مدينة باليمن. والجزع الظفاري: منسوب إلى هذا البلد. ينظر: لسان العرب (جزع)، معجم ما استعجم لأبي عبيد البكري الأندلسي (٣/ ٩٠٤).
(٤) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٦٢٧) لابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>