للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤)}

{وَصَدُّوا} وأعرضوا، وامتنعوا عن الدخول في الإسلام، أو: صدوا غيرهم عنه؛ قال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر (١). وقيل: هي عامة في كل من كفر وصد. {أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} أبطلها، تقول: ضل الماء في اللبن؛ إذا لم يبق له طعم. وقيل: أبطل ما مكرو به للنبي صلى الله عليه وسلم. {وَالَّذِينَ آمَنُوا} قيل: هم ناس من الأنصار. وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب.

{وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ} خص الإيمان بما نزل مع أن ما يجب الإيمان به كثير؛ لينبه بذلك على فضيلة هذا الوصف، وأن الإيمان لا يتم إلا به وأكد ذلك بالجملة المعترضة وهي قوله {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}. وقيل: {وَهُوَ الْحَقُّ} أي: الثابت فإنها شريعة لا تنسخ، وغيرها من الشرائع نسخ بها. {وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} أي: حالهم وشأنهم بالتوفيق. {ذلِكَ} أي: إبطال أعمال الكفار وإثابة المؤمنين بسبب {بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ} و {ذلِكَ} مبتدأ، وما بعده خبره ويجوز أن {ذلِكَ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الأمر كما ذكر؛ فيكون محل الجار والمجرور منصوبا على هذا، ومرفوعا على الأول، والضمير في


(١) ذكره بهذا اللفظ الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣١٤)، وروى الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٩٦) عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - عز وجل -: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ قال: منهم أهل مكة، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ قال: هم الأنصار، قال: وَأَصْلَحَ بالَهُمْ قال: أمرهم ". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>