{وَصَدُّوا} وأعرضوا، وامتنعوا عن الدخول في الإسلام، أو: صدوا غيرهم عنه؛ قال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر (١). وقيل: هي عامة في كل من كفر وصد. {أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} أبطلها، تقول: ضل الماء في اللبن؛ إذا لم يبق له طعم. وقيل: أبطل ما مكرو به للنبي صلى الله عليه وسلم. {وَالَّذِينَ آمَنُوا} قيل: هم ناس من الأنصار. وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب.
{وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ} خص الإيمان بما نزل مع أن ما يجب الإيمان به كثير؛ لينبه بذلك على فضيلة هذا الوصف، وأن الإيمان لا يتم إلا به وأكد ذلك بالجملة المعترضة وهي قوله {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}. وقيل:{وَهُوَ الْحَقُّ} أي: الثابت فإنها شريعة لا تنسخ، وغيرها من الشرائع نسخ بها. {وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} أي: حالهم وشأنهم بالتوفيق. {ذلِكَ} أي: إبطال أعمال الكفار وإثابة المؤمنين بسبب {بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ} و {ذلِكَ} مبتدأ، وما بعده خبره ويجوز أن {ذلِكَ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الأمر كما ذكر؛ فيكون محل الجار والمجرور منصوبا على هذا، ومرفوعا على الأول، والضمير في
(١) ذكره بهذا اللفظ الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣١٤)، وروى الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٩٦) عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - عز وجل -: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ قال: منهم أهل مكة، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ قال: هم الأنصار، قال: وَأَصْلَحَ بالَهُمْ قال: أمرهم ". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.