للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الدخان [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ (٣)}

{وَالْكِتابِ} الواو فيه واو القسم إن جعلت {حم} تعديدا للحروف، أو اسما للسورة مرفوعا على خبر الابتداء المحذوف، وواو العطف إن كانت {حم} مقسما بها.

وقوله: {إِنّا أَنْزَلْناهُ} جواب القسم و {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ} القرآن، والليلة المباركة:

ليلة القدر. وقيل: ليلة النصف من شعبان، ولها أسماء أربعة: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة. وقيل: بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة. وقيل في تسميتها ليلة البراءة وليلة الصك: إن البذّار إذا استوفى خراجه (٢٥٣ /ب) من أهله كتب لهم البراءة؛ كذلك الله تعالى يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، وقيل: هي مختصة بخمس خصال: تفريق كل أمر حكيم، وفضيلة العبادة فيها، ونزول الرحمة؛ قال عليه السلام: "إن الله يرحم من أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب" (١).

{فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)}

وحصول المغفرة؛ قال عليه السلام: "إن الله يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة إلا المتشاجر أو مدمن خمر أو عاق الوالدين أو مصر على الزنا" (٢) وما أعطي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمام الشفاعة؛ وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته؛ فأعطي الثلث منها، ثم سأل في الليلة الرابعة عشر فأعطي الثلثين، ثم سأل في الليلة الخامسة عشر فأعطي الجميع إلا من شرد عن الله شراد البعير (٣). ومن عادة الله أن يزيد فيها ماء زمزم زيادة ظاهرة. والقول الأكثر أن المراد بالليلة المباركة: ليلة القدر لقوله: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (٤) ولمطابقة قوله: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} لقوله: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ}


(١) رواه الترمذي رقم (٧٣٩)، وابن ماجه رقم (١٣٨٩)، وأحمد في المسند (٦/ ٢٣٨) عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٤) ونسبه للبيهقي في شعب الإيمان بنحوه، وقال الزيلعي: غريب بهذا اللفظ.
(٣) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٦) وقال: غريب.
(٤) سورة القدر، الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>