للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة ن [القلم] [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥)}

{ن} حرف من حروف المعجم. وقيل: هو الدواة، قال في الكشاف: (١) وأما قولهم:

إنه هو الدواة. فلا أدري أهو وضع لغوي، أو شرعي؟! وإذا كان اسما للدواة؛ فإما أن يكون جنسا، أو علما؛ فإن كان جنسا فأين الإعراب والتنوين، وإن كان علما فأين الإعراب؟ وأيّا ما كان. فإن قلت: هو مقسم به وجب أن تجره وتنونه إن كان جنسا، ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة؛ كأنه قيل: ودواة والقلم، وإن كان علما أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه؛ للعلمية والتأنيث.

وكذلك تفسيره بالحوت؛ إما أن يراد نون من عرض الحيتان أو علما للبهموت الذي زعموا أن الأرض فوقه. والتفسير باللوح من نور أو ذهب، ونهر في الجنة ونحو ذلك، وبالقلم لما فيه من المنافع وضبط العلوم وإتقانها للمنتفعين.

{وَما يَسْطُرُونَ} أي: وما يكتب من كتب. وقيل: ما يسطره الحفظة، و "ما" موصولة أو مصدرية، ويجوز أن يراد بالقلم أصحابه؛ فيكون الضمير لهم، والمراد: أصحاب القلم ومسطورهم (٣٠٧ /ب) أو سطرهم، ويراد به: كل من يسطر أو يريد به الحفظة. والباء في قوله: {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} باء الحال، والتقدير: تبين بنقيضه لو قلت: أنت بحمد الله موفق؛ فإذا قلت: ما أنت بحمد الله بمجنون كانت الباء كما هي في نقيضها فكأنه قال: ما أنت مجنونا بنعمة الله؛ أعملها في النفي إعمالها في الإثبات؛ كما تقول: ما ضرب زيد عمرا؛ فتنصبه كما تنصب: ضرب زيد عمرا. {وَإِنَّ لَكَ} على احتمال ذلك والصبر عليه {لَأَجْراً} لثوابا {غَيْرَ مَمْنُونٍ} غير مقطوع؛ كقوله: {عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (٢) أو غير ممنون به عليك. استعظم الله


(١) ينظر: الكشاف (٤/ ٥٨٤).
(٢) سورة هود، الآية (١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>