للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة ألم نشرح [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)}

استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار، فأفاد إثبات الشرح، فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك، ولذلك عطف عليه {وَوَضَعْنا} اعتبارا بالموضع، ومعنى شرح الصدر: أنه وسعه لاحتمال الأذى، أو فسحناه بما أودعناه من العلوم والحكم. والوزر الذي أنقض ظهره حمله على النقيض، وهو صوت الانتفاض والانفكاك لثقله، مثل لما كان يثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغمه من فرطاته قبل النبوة، أو من تهالكه على إسلام أولي العناد من قومه، ووضعه: أن غفر له ما تقدم، أو علم الشرائع أو مهد له عذره بعد ما بلغ وبالغ. ورفع ذكره: أن قرن اسمه باسمه في الأذان والإقامة والتشهد والإسلام والخطب. وفي غير موضع من القرآن:

{وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (١). {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} (٢) {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (٣). وفي تسميته رسول الله، ونبي الله، ومن ذلك: ذكره في كتب الأولين، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به.

فإن قلت: أي وجه في زيادة {لَكَ} والمعنى مستقلّ بدونه؟ قلت: ما في الإبهام والإيضاح كأنه لما قال: {أَلَمْ نَشْرَحْ} سأل سائل فقال: ليس طريقه محل الشرح، فقال {لَكَ صَدْرَكَ} فبين موضع الانشراح.

{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦)}

فإن قلت: كيف يتعلق قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً؟} قلت: كان المشركون يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالفقر حتى سبق إلى فهمه أنهم قد رغبوا عن الإسلام؛ لافتقار أهله واحتقارهم، فذكره نعمته عليه، ثم قال: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (٣٤٣ /ب) أي: إن مع العسر في


(١) سورة التوبة، الآية (٦٢).
(٢) سورة النساء، الآية (١٣).
(٣) سورة آل عمران، الآية (١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>