للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة العلق [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)}

عن ابن عباس ومجاهد أن سورة القلم أول سورة نزلت، ويدل عليه حديث الصحيحين:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣٤٤ /ب) " جاءه جبريل في جبل حراء، فقرأ عليه {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوله: {ما لَمْ يَعْلَمْ} والخبر مشهور (١).

وقيل: أول ما نزل سورة الفاتحة. وزعم الزمخشري أنه القول الأصح (٢) والمشهور هو القول الذي سبق. وقيل: أول ما نزل: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)} (٣)

{خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى (١٣)}

محل {بِاسْمِ رَبِّكَ} النصب على الحال؛ أي: اقرأ متبركا باسم ربك؛ أي: قل بسم الله، ثم اقرأ: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} يحتمل أن يكون {اِقْرَأْ} لا يضمر له مفعول أي: كن قارئا أو يكون {بِاسْمِ رَبِّكَ} معمولا ل‍ "اقرأ أي: اقرأ باسم هذا الذي كون الأشياء وأوجدها. وقوله:

{خَلَقَ الْإِنْسانَ} تخصيص له دون سائر المخلوقات لأنه أشرفها، والوحي إنما ينزل إليه، وهو المقصود بالخطاب، ويجوز أن يكون المراد الذي خلق الإنسان، كما قال: {الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ} (٤) تفخيما لخلق الإنسان ودلالة على فطرته، فإن قلت: لم قال {مِنْ عَلَقٍ،} ولم يقل "من علقة"؟ قلت: لأن الإنسان في معنى الجمع. {الْأَكْرَمُ} الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم ينعم على عباده النعم التي لا تحصى.

{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} لأنه لم يضبط أقاصيص الأولين، وشرائع الأنبياء


(١) رواه البخاري رقم (٦٩٨٢، ٤٩٥٦)، ومسلم رقم (٢٥٣).
(٢) ينظر: الكشاف (٤/ ٧٧٥).
(٣) تقدم الحديث عن ذلك في تفسير سورة المدثر.
(٤) سورة الرحمن، الآيات (١ - ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>