للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)}

والبلد: مكة حرسها الله تعالى.

والأمين: من أمن الرجل: صار ذا أمن، وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما سلم إليه. ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول، من أمنه؛ لأنه مأمون. ومعنى القسم بهذه الأشياء: الإبانة عن شرف هذه البقاع. والطور: الجبل الذي نودي عليه موسى. {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} في أحسن تعديل لشكله وصورته ثم كان عاقبة كونه لم يشكر هذه النعمة، وهو تسوية الخلق، أن رده أسفل سافلين، وأقبح صورة، وهم أصحاب النار.

وقيل: هو الكبر والهرم، وبتقوّس ظهره بعد استقامته، وثقل قوة السمع والبصر، والوطء والبطش، فيرد إلى أضداد ذلك. وقوله {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} استثناء متصل على القول، ومنقطع على الثاني، تقديره: لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلا ينقص من وظائفهم التي كانوا يفعلونها في الصحة بل يكتب لهم ثواب تلك الأوراد والأعمال كاملة، وإن لم يفعلوا شيئا منها؛ لأنه إنما عاقهم الكبر والهرم، وهو ليس من فعلهم.

قوله: {فَما يُكَذِّبُكَ} خطاب للإنسان على صورة الالتفات أي: فما يجعلك كاذبا بسبب الدين، والباء في {بِالدِّينِ} مثلها في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} (١). أي: فما يكذبك يا إنسان بعد ظهور الدليل على البعث أن تكذب به حتى يجعلك التكذيب من أهل النار.

{أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ} يعذب المسيء ويحسن للمحسن.

***


= صحة ذلك أنه كذلك دلالة في ظاهر التنزيل ولا من قول من لا يجوز خلافه لأن دمشق بها منابت التين وبيت المقدس منابت الزيتون ".
(١) سورة النحل، الآية (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>