للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة التحريم [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)}

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة فقال لها:

اكتمي وقد حرمت مارية على نفسي، وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمتي.

فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين. وقيل: خلا بها في يوم حفصة فأرضاها بذلك، واستكتمها فلم تكتم فطلقها واعتزل نساءه، ومكث تسعا وعشرين ليلة في بيت مارية (١).

وروي أن عمر قال لها: لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك، فنزل جبريل وقال: راجعها؛ فإنها صوّامة قوّامة وإنها لمن نسائك في الجنة (٢). وروي أنه شرب عسلا في بيت زينب بنت جحش فواطأت عائشة وحفصة فقالتا: إنا نشم منك (٣٠٥ /أ) ريح المغافير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النتن فحرم العسل (٣). فمعناه: {لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} من ملك اليمين أو من العسل. و {تَبْغِي} إما تفسيرا ل‍ "تحرم" أو حال، أو استئناف، وكان هذا سهوا منه صلى الله عليه وسلم فإنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله؛ لأن الله جل وعلا إنما أحل ما أحل لحكمة ومصلحة عرفها في إحلاله؛ فإذا حرم ما أحل كان ذلك قلب المصلحة مفسدة. {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قد غفر لك ما سهوت فيه {رَحِيمٌ} قد رحمك فلم يؤاخذك به.


(١) رواه البخاري رقم (٥٢٦٦)، ومسلم رقم (١٤٧٤).
(٢) نسبه السيوطي في الجامع الصغير للحاكم، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٢٠٠٧) وقال الشيخ الألباني: "فائدة: دل الحديث على جواز تطليق الرجل لزوجته ولو أنها كانت صوامة قوامة ولا يكون ذلك بطبيعة الحال إلا لعدم تمازجها وتطاوعها معه وقد يكون هناك أمور داخلية لا يمكن لغيرهما الاطلاع عليها ولذلك فإن ربط الطلاق بموافقة القاضي من أسوأ وأسخف ما يسمع به في هذا الزمان الذي يلهج به كثير من حكامه وقضاته وخطبائه بحديث" أبغض الحلال إلى الله الطلاق "، وهو حديث ضعيف كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل (٢٠٤٠).
(٣) بهذا اللفظ والزيادة في آخره" وكان يكره النتن فحرم العسل "ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار في تخريج الكشاف (٤/ ٦٢) وبدل" النتن ": " التفل ". وأصل الحديث في الصحيحين دون هذه الزيادة؛ رواه البخاري رقم (٤٥٣١)، ومسلم رقم (٢٦٩٤)، وفي رواية للبخاري رقم (٦٤٥٧)، ومسلم رقم (٢٦٩٥) " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه ريح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>