للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة النازعات [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالنّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)}

أقسم - سبحانه - بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد وبالطوائف التي تنشطها أي: تخرجها من نشط الدلو: إذا أخرجها، وبالطوائف التي تسبح في مضيها أو تسرع فتسبق إلى ما أمروا به فتدبر أمرا من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم. {غَرْقاً} إغراقا في النزع أي: تنزعها من أقصى الجسد من أناملها وأظفارها. أو أقسم بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب، من قولك: ثورنا نشط: إذا خرج من بلد إلى بلد، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها؛ لأنها من أسبابه. أو أقسم (٣٢٨ /ب) بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب وإغراقها في النزع:

أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى المغرب، والتي تخرج من برج إلى برج، والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمرا من علم الحساب. وقيل: النازعات أيدي الغزاة أو أنفسهم تنزع القسي بإغراق السهام والتي تنشط الأوهاق (١). والمقسم عليه محذوف وهو" لتبعثن "؛ لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة.

{يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)}

و {يَوْمَ تَرْجُفُ} منصوب بهذا المضمر. و {الرّاجِفَةُ} الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال وهي النفخة الأولى، وصفت بما يحدث بحدوثها. و {الرّادِفَةُ} النفخة الثانية. ويجوز أن تكون الرادفة من قوله - تعالى -: {قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} (٢).

أي: القيامة التي يستعجلها الكفرة استهزاء، وهي رادفة لهم لقربها.


(١) رواه الطبري في تفسيره (٣٠/ ٢٩) والأوهاق: جمع وهق بالتحريك، وقد يسكن وهو حبل كالطول تشد به الإبل والخيل لئلا تند. ينظر: لسان العرب (وهق).
(٢) سورة النمل، الآية (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>